%D8%A3%D9%88%D9%81%D9%8A%D8%A7%D8%A1%20%D8%A8%D8%A7%D9%85%D8%AA%D9%8A%D8%A7%D8%B2 - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


أوفياء بامتياز
سميح أيوب - 04\04\2010
إنه الجولان المحتل بسكانه وأبنائه البررة، الذين لم يدخروا وسعا للتعبير عن فخرهم بتجذرّهم وانتمائهم لشعب رائد وحضارة عريقة ولغة أصيلة طالما نهلت شعوب العالم من منابعها العلم والمعرفة من آداب وفلسفه وعلوم، حيث كانت المنارة في زمن كانت الشعوب الأخرى غارقة في بحور من الظلمات. وبعد تطور هذه الأمم، عملت على انهيار المجد العربي، حيث ساعدت بذلك صراعات الأمة الداخلية، لتبدأ رحلة التهميش للشعب العربي وحضارته ولغته، لتقطع أوصال الأمة جغرافيا وثقافيا وأدبيا. ولم تسلم اللغة العربية من ذلك، لتعود الأمة إلى مرحلة انحطاط وجهل طوته صفحات تاريخها بفضل رواد عملوا على إنارة شموع لتهزم الظلام.

إنه الوفاء.. إنه الانتماء.. بل إنه التشبث بالجذور والحضارة والأمة، عبر التشبث بلغة الضاد التي تطوي تحت لوائها أكثر من 450 مليون إنسان تعتبر لسان حالهم في خطابهم وكتابهم وتاريخهم المستمد من تاريخها. فأصبحت بالنسبة لهم هوية لغوية توحد مشاعرهم .. ومظلة تجمعهم كما جمع سوق عكاظ يوماً عظماء الشعر والأدب، لتزداد اللغة رونقا وجمالا بما أطلقة خيالهم الخصب من إبداع وسجع وبلاغة وتشبيه، لتبقى عالقة في ذاكرة الأجيال كما علقت يوماً على جدار الكعبة.

ونحن في الجولان ننتمي إلى وطن كان له شرف تأسيس أول مجمع للغة العربية في الوطن العربي، حيث تأسس في مدينة دمشق عام 1919 م ، في عهد حكومة الملك فيصل، للنهوض باللغة العربية وإنقاذها من سياسة التهميش الاستعمارية. ورأس المجمع الأديب السيد محمد كرد لغاية عام 1953 م، وتلاه كوكبة من عظماء الأمة والأدب كشاكر الفحام، وخليل مردم بيك، ومروان ألمحاسني.
فلم تسقط حبة التفاح بعيدا عن الشجرة، والتاريخ يعيد نفسه أحيانا. وبما إن للجولان حماته وأبناؤه البررة يعز عليهم تهميش انتمائهم ولغتهم التي هي هويتهم، ومع بزوغ فجر نيسان حيث تفصلنا عن احتفالات عيد الجلاء أيام معدودة، يتحفنا رواد مخلصون لهم باع طويل في تعليم اللغة العربية وآدابها، بإعلان افتتاح دار اللغة العربية لتكون صرح مجد آخر للحفاظ على هوية اللغة وإعلاء شانها، وخاصة بعد رحلة الضياع التي يعيشها شبابنا بالتأرجح بين لغتنا الأم واللغات الأخرى، التي دخلت حياتنا قسرا وعبر خطة منهجية تتبعها سلطات الاحتلال.

إنها خطوة مباركة أتت في زمن نحن بأمس الحاجة فيه لنشر اللغة والحفاظ عليها. فهذا جزء من الانتماء الوطني، وخاصة بعد أن نلاحظ المستوى الرديء الذي وصلت إليه اللغة، عبر كتابات ومداخلات أبنائنا على الشبكة من أخطاء إملائية ولغوية. والبلاء الأعظم عندما نلاحظ إدخال كلمات من لغات أخرى في مداخلاتهم غير أبهين باحترام لغتنا الأم . فربما عبر هذه الدار التي نتمنى لها النجاح والازدهار نتدارك أخطاء وقع بها إخوة لنا من أبناء العمق الفلسطيني من زمن قريب في مداخلاتهم لموقع السويداء باستعمالهم كلمات عير عربية .
كم نحن بحاجة إليكم أيها القائمون على هذا المشروع العظيم لأداء الرسالة، وخاصة بعد أن أصبحنا نمتلك طاقات خلاقة من أقلام واعدة وخيال خصب في الكتابة، ولكن ينقصها الرعاية في الحفاظ على لغة سليمة، من حيث القواعد، الإملاء، الخط، الدراسة الأدبية، الخيال التصويري، دراسة المبنى، التراكيب ودراسة المعاني.
إنها استمرارية لرسالة طالما عملتم على حملها وأداء أمانتها أيها المعلمون المشكور سعيكم.

لكل مجتمع رواده الذي يفتخر بهم. فانتم فخرنا وعزتنا مع من سبقكم ويلازمكم الخطى لرفع شان هذا المجتمع. واخص بالذكر العاملين على إقامة متحف الجولان، الذي تلازم انطلاقته انطلاقتكم، لإغناء صرحنا الثقافي وإعطائه عمقا تاريخيا تحفظه أجيالنا كما حفظنا كرامة الأسلاف وتاريخهم.

بورك بكم الجولان.. وبوركت بكم الأمة والوطن.. ورسالة شكر لكل من اهتم ودعم مبادرتكم، مع تمنياتنا بدعم اجتماعي مادي ومعنوي لاستمرارية العطاء والحفاظ على سلامة المشروع. وليبقى هذا البناء مركز علم ومعرفة وتواصل لجميع أبناء الجولان المحتل.